@ahmad sharha@ عضو متميز
عدد المساهمات : 331 تاريخ التسجيل : 01/06/2009 العمر : 31 المزاج : متقلب حسب الضروف
| موضوع: ا. د. حسيب شحادة : عرض لكتاب مسافة بين دولتين الثلاثاء يونيو 16, 2009 3:14 pm | |
| وصلني مؤخرا كتاب ”مسافة بين دولتين، قراءة معاصرة لفكر أفلاطون- 430-347 ق. م.- والفارابي-870-950 م- السياسي، للسيد جوني منصور، والكتاب من إصدارات قسم الثقافة العربية، أ. د. حسيب شحادة الأول عبارة عن مقدمات وفيه ثلاثة فصول ص. 6-35 ويشمل الباب الثاني، الذي يبحث في جوانب تأثير أفلاطون السياسي على الفارابي، ثمانية عشر فصلا ص. 37-132، أما الباب الثالث فيحمل العُنوان ”فكر الفارابي بين النظرية والتطبيق” ويضمّ ثلاثة فصول ص. 134-147 وفي الصفحات الخمس الأخيرة قائمة بالمراجع والمصادر ص. 149-153. قراءة متأنية، إلا أنها في مجملها ليست سلسة، لهذا الكتاب، تُشير إلى أن عُنوانه لا يمثّل بالقدر الكافي ما في دفتيه من فحوى، وربما كان من الأقرب إلى الحقيقة عنونته بـ التأثير الأفلاطوني السياسي على الفارابي”. قلتُ إن القراءة ليست سلسة لا لغموض الجُمل أو تحميلها معاني فلسفية دقيقة ومتراصّة بل الأمر ناجم، في تقديري المتواصع، عن صعوبة معيّنة في عرض المادّة مضموناً ومبنىً، بكلمة واحدة ”الحبك”. أميل إلى الاعتقاد أنّ أحد الانطباعات المركزية لدى القارىء عند إنهاء قراءة هذه الدراسة قد يكون، ماذا يريد الكاتب أن يقول بالضبط؟ هذه الرسالة أو الزبدة تبقى غير واضحة بشكل كاف وبمقدار شاف حتى ”الكلمة الأخيرة”، ص. 148، وكان من المتوقع في دراسة موضوع هام من هذا القيبل، أن يجد القارىء خلاصة وافية تشمل أهم النقاط الأساسية التي بُحثت في المتن وما تمخّض من استنتاجات واقتراحات للمزيد من السبر والاستقراء. هل يكفي مثلا القول في آخر المطاف إن الفارابي ”المعلم الثاني” بعد أرسطو، هو مؤسس الفلسفة السياسية الإسلامية وأنه لم ينسخ آراء أفلاطون وطروحاتِه بل عدّل فيها ولاءمها لعصره ؟ لا ريب أن الدراسة أو القراءة المعاصرة للتراث وفق المنهاج البحثي المعاصر واجب بل رسالة ملقاة على كاهل المثقفين والباحثين المختصّين، كل في مجاله بغية الوصول إلى السعادة الحقيقية وهي المعرفة الحقّة المبنية على العقل والتفكير الحرّ. ومحاولة السيّد منصور في مضمار الفلسفة قد تكون من البواكير في بلادنا باللغة العربية ويطمح الواحد منّا إلى المزيد من مثل هذه الدراسات في شتّى الميادين المعرفية وليس في المجال الأدبي فقط. تثقيف المجتمع وتعميق وعيه وانفتاحه على شتّى النظريات ضروريان لإشاعة حرية التفكير والحوار البنّاء في عملية الدمقرطة النابعة من الداخل وكل مَن قرأ للفارابي يعلم أن هذا الفيلسوف يتّسم بفكر شمولي غزير كأستاذه الكندي، فيلسوف العرب وقدوته، ومن ثمّ جاء ابن سينا ونصير الطوسي. والفارابي المتدين والمتقشف والاعتزالي والموسيقي، لم يقوَ على التحرر من العلاقة الإسلامية غير المنفصمة بين الدين والدولة، إلا أنه عمِل على التوفيق بين البحث الفلسفي والوحي النبوي. وقد رأى هذا الفيلسوف أن بلاد ما بين النهرين هي منبع الحكمة وقد عمل لجعلها ثانيةً كذلك في عصره، كما وتأثر بالآراء الإسماعيلية، لا سيما حول النبوّة، إذ أن فلسفتها هي، في الواقع، فلسفة السياسة وينقسم العقل البشري إلى قسمين نظري وعملي. والفارابي يرى كأفلاطون أن الحُكم ينبغي أن يكون للفلاسفة. ومن أهم مؤلفات الفارابي السياسية: كتاب آراء أهل المدينة الفاضلة؛ في السياسات المدنية؛ كتاب تحصيل السعادة؛ شرح لكتاب الشرائع لأفلاطون؛ فصوص الحُكم. يودّ القارىء ويتوقّع أن يعرف ما الأصيل في الفكر السياسي الفارابي وما الدخيل الأفلاطوني رغم الصعوبة في استجلاء ذلك ليس في مضمار الفلسفة فحسب بل وفي جميع مجالات المعرفة؛ ما الفوارق الرئيسية بين هذين الفيلسوفين المتبعادين زمنيا؛ إذ أن هناك ألفاً وخمسمائة سنة تفصل بينهما. وفي قسم من القضايا التي يطرحها المؤلِّف يلاحظ تفكّك ما في المكوّنات الرئيسية والثانوية للمواضيع المطروقة وأحيانا هناك بتر للفقرات، ينظر مثلا في ص. 9, 10, 29, 38, 39, 45, 46 من المفروغ منه اليوم أن القول بأن فلاناً قد اعتمد أسس البحث العلمي لا يعني الكثير ومثل هذا التصريح في رأينا لا ضرورة ماسّة له، فكل دراسة عصرية جديرة باسمها لا بدّ من أن تسير على هذا الدرب البحثي الموضوعي. لا التصريح ولا التلميح حول اتّباع المنهج العلمي يفيد شيئا بل القول الفصل لكيفية عرض المادة الملائمة المستمدّة من الأمهات والمظان وتبويبها وإثارة الأسئلة والتساؤلات الواجبة في الأمكنة الصحيحة ومحاولة الردّ والإجابة عليها بجلاء وتسلسل عن طريق الاعتماد على أمّهات المصادر. بعبارة أخرى، خلق أرضية صلبة لجميع المكوّنات وفق استقراء شامل وعميق بقدر الإمكان، يسمح للقارىء الوصول إلى الاستنباط الصحيح. جمع آراء لباحثين معاصرين كُثر من عرب وأجانب لا ينمّ بالضرورة على جودة دراسة معينة. وكي لا تبقى ملاحظاتي هذه في إطار التجريد العام أسوق بعض الأمثلة. منذ البداية، ينوي الكاتب القيام بدراسة ”حياة الفارابي وأعماله” وكل ذلك تحت عنوان- لمحة عن حياة الفارابي وأعماله- في بضع صفحات، وبدلا من تلخيص برقي للمقبول علميا اليوم حول نواحٍ متعلقة بالدراسة وإحالة القارىء لمصادرَ إضافية، يلجأ المؤلِّف إلى ذكر نُتف معلوماتية لا صلة واضحة ووثيقة بينها. ما الصلة مثلاً بين أصل الفارابي التركي، هناك من يقول إنه فارسي، وطبيعة عمل والده في الجيش، ومن ثمّ ما الداعي لذكر معلومة هي طُرفة في الواقع ومستقاة من مصدر ثانوي وليس من الأصل، وهي أن الفارابي عرف سبعين لغة، كل هذا بدون تعليق شخصي، والمعروف أن العقل البشري ليس بمقدوره السيطرة على أكثرَ من أربع أو خمس لغات وذلك في حالة تعلّمه إياها منذ نعومة أظفاره. غني عن البيان، أن معرفة اللغة، أية لغة طبيعية حيّة، تعني التمكن من مهاراتها الأساسية الثلاث، القراءة والتكلم والكتابة. بعبارة وجيزة، من الأفضل معالجة الأفكار وغربلة المعلومات وإبراز ذلك بدلا من إبراز أسماء الأشخاص. ثم يتساءل القارىء مثلا لماذا لم تُذكر سنتا ولادة الفارابي ووفاته في المكان نفسه في البداية. من الجليّ لنا أن عنصر التركيز في الكتابة والعرض يعاني من خلل ما وتفكّك في العديد من المواقع. أليس من الأنسب والأوجب مثلا كتابة ”مشكلة مؤلفات الفارابي المركزية هي تواريخها” بدلا من ”المشكلة المركزية في مؤلفات الفارابي هي الفترة التي وضع فيها مؤلفاته ص.10. وبالرغم من هذا النقد، جلّ من لا يخطىء، لبعض الجوانب غير الموفقة في الكتاب قيد المراجعة المقتضبة، هناك بعض الفصول التي حظيت بعناية وتركيز أكبر مثلا: رئيس الدولة المثالية، المدينة الفاضلة، ص. 81-90؛ الدول غير الكاملة، ص. 91-101 لعب أفلاطون دورا عمليا في الحياة السياسية والفكرية في أثينا أما الفارابي، الذي استقى منه الكثير في الفكر السياسي، فكان بعيداً عمّا يعرف اليوم برجال الحُكم، صنّاع القرار، وحاول إرساء دعائم ”المدينة الفاضلة” وفق الإسلام، حيث تحقيق السعادة الحقيقية هو الهدف الأسمى للدولة الكاملة والمثالية. وهذه السعادة ليست في تكديس الثروة والسعي وراء الكرامة والعزّة، إذ أن سعادة كهذه هي سعادة ”مظنونة” في التعبير الفارابيّ، والسعادة الحقيقية تتمثل في المعرفة، إذ عبرَها تتحقق السعادة الحقة، المعرفة دعيمة الدولة الناجحة ولا بد من تربية الحكام ومساعديهم. وهذه المعرفة تتحقق عن طريق العقل الفعّال وهو إلهام أو وحي نبوي، هنا يتم ”اتّصال” لا ”اتّحاد” بالعقل الفعّال وهذا العقل هو نتيجة تأمّل ونظر. ملاك الوحي هو ملاك المعرفة. والله هو العقل المحض الواحد، وكان الفارابي ملكا من حيث العقلُ وفقيرا مدقعا في هذه الفانية. وحاول الفارابي تكوين صورة شاملة للعالم عبر الفلسفة وتحدث عن نظرية العلة الأولى ونشوء العالم يبدأ من العقل وأقسام المعاني ثلاثة، كلي فجزئي، كلي قائم بالجزئي وجزئي فكلي. وهذه المعرفة لعبت دورا محوريا في فلسفة العصور الوسطى لدى العرب واليهود وغيرهم. و”الرئيس” هو الشخصية المركزية في ”المدينة الفاضلة” أما ”الإمام” فهو النبي” أو ”الحكيم” عند المعلم الثاني. ومن الفروق الأساسية بين الفكر الأفلاطوني والفكر الفارابي طبيعة ”الحكيم” عند الاثنين. ”حكيم” أفلاطون ينزل من التجريد إلى الأمر العام في حين أن ”حكيم” الفارابي يسعى إلى الاتصال بالكائنات الروحية إذ أن السعادة المطلقة تتجسد بمثل هذا الاتصال. الفارابي نادى بالحكومة الملكية الدينية على أساس مزيج من أفكار أفلاطونية في الجمهورية وما ذهب إليه أهل الشيعة بصدد الإمام المعصوم. أظنّ أن هذه ”الطبيعة” كانت بحاجة إلى مزيد من الدراسة وذلك لأهميتها. والناحية الثانية الجديرة بالتنويه تتعلق بالشكل أو المبنى، اللغة نحواً وأسلوبا، علاقة المعنى بالمبنى معروفة وواضحة للجميع وكما قال النحوي ابن جني 932-1002 إن الألفاظ عنوان المعاني وخدم لها والوسيلة للتعبير عن المرامي والأغراض )الخصائص تأليف أبي الفتح عثمان بن جني، حققه محمد علي النجّار ، بيروت، ط. 2, 1952، الجزء الأول ص.215 -237; 312-321. الجزء الثالث، ص. 264- ,269 , جامعة هلسنكي) | |
|
اميره الشمال (المشرفين)
عدد المساهمات : 761 تاريخ التسجيل : 17/02/2010
| موضوع: رد: ا. د. حسيب شحادة : عرض لكتاب مسافة بين دولتين الأحد فبراير 28, 2010 2:35 am | |
| يسلموووو | |
|
شمس الشتاء (المشرفين)
عدد المساهمات : 811 تاريخ التسجيل : 23/02/2010 العمر : 33 المزاج : منيح الحمد الله
| موضوع: رد: ا. د. حسيب شحادة : عرض لكتاب مسافة بين دولتين الأحد فبراير 28, 2010 2:46 am | |
| | |
|
امير ابو زنيد (المشرفين)
عدد المساهمات : 726 تاريخ التسجيل : 30/05/2009 العمر : 31 الموقع : ameer_91_2007@hotmail.com المزاج : عصبي بس دمي بارد كتير
| موضوع: رد: ا. د. حسيب شحادة : عرض لكتاب مسافة بين دولتين الثلاثاء مارس 16, 2010 4:35 am | |
| | |
|