[b]
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)(الأحزاب:72)
فما معنى الأمانة التي أبت السموات والأرض الجبال أن يحملنها وحملها الإنسان؟؟
وهل في حمل الأمانة فضيلة للإنسان على سائر المخلوقات في حملها؟؟ ولماذا وصف بالظلم والجهل لحملها؟؟؟
أسئلة كثيرة تدور في رأس القارئ، وكثير من الناس يفسر الآية على أن السموات والأرض والجبال رفضت حملها، فهل يجرؤ أحد من مخلوقات الله على رفض أمره كائن من كان؟؟ وقد صرح القرآن بأنهما أطاعا، قال تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)(فصلت:11)
والذي يبدو لي والله تعالى أعلم أن المقصود بالأمانة هي التكليف فجميع المخلوقات ما عدا الإنس والجن كلفت بتكاليف فحملتها ثم أدتها كما طلب الله عز وجل أما الإنسان فقد حمل الأمانةلكنه لم يؤدها كما طلب الله فبقي حاملا لها وهذا هو المقصود بالحمل، ولذلك نعته بالظلم والجهل، الظلم لنفسه والجهل بعظمة الله لأنه لو عرف الله حق المعرفة لما بقي حاملا للأمانة، ومثال ذلك أنني لو أعطيت (س) مائة دينار وطلبت منه أن يؤدها إلى (ص) لكنه لم يؤدها وبقيت الأمانة في جيبه فنقول حمل الأمانة، وكذلك هو الإنسان كلفه الله بأمانة التكاليف الشرعية فأدى بعضها وحمل بعضها الآخر.
قال صاحب التحرير: "الأمانة فى الحديث هي الأمانة المذكورة فى قوله تعالى (إنا عرضنا الأمانة )هي عين الايمان فاذا استمكنت الامانة من قلب العبد قام حينئذ بأداء التكاليف واغتنم ما يرد عليه منها وجد في اقامتها والله أعلم"
وخلاصة القول أن الأمانة هي عين الايمان أو كل ما يخفي ولا يعلمه إلا الله من المكلف أو المراد بها التكليف الذي كلف الله تعالى به عباده أو العهد الذي أخذه عليهم فمن أدى هذه الأمانة كما أمر الله فاز وأفلح ومن قصر في أدائها خاب وخسر وصدق فيه قول الله تعالى
إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً)
جعلنا الله وإياكم ممن يؤدون الأمانة بأمانة
منقول